المجتمع المدني - يطالب بحقوقه

الشيخ سلمان العوده - تعصب المجتمع المدني

الأحد، 29 مارس 2009

سعاد نوفل

قد يرى البعض أن أحد أسباب عدم تطور المجتمع المدني بالشكل المطلوب هو عدم وجود الدعم والتمويل المادي من ناحية، وإنتشار التمويل الأجنبي عبر الحدود، وازدياد المنظمات الغربية التي تقدم التمويل بمختلف أشكاله من ناحية أخرى. ومع ظهور العديد من المؤسسات المانحة العربية المختلفة على الساحة، فالسؤال الواجب طرحه ما هو الدور التي تضطلع به الجهات العربية المانحة تمثيلاً لصورة التزامها بالمسؤولية الاجتماعية العربية.


هناك العديد من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والتي تنشط في المنطقة العربية وتعتمد في مواردها المالية على جهات أجنبية مانحة، في حين أن لدينا في المنطقة العربية من الموارد المالية والجهات المانحة ما يكفينا عن اللجوء للمصادر الدولية فما هي الأسباب وراء توجه هذه المبادرات العربية والمؤسسات غير الربحية للتمويل الأجنبي، وهل يمكننا القول إن غياب التمويل العربي وراء هذه الظاهرة.

وفي حال تطرقنا لمبادرة "سفر" وهي عبارة عن صندوق للتجوال من أجل التعلم ويدعم الشباب العربي بشكل مستقل من خلال تقديم منح سفر للتعلم ويركز في جوهره على تعزيز "ثقافة المبادرة" حيث يقدم للشباب فرصة للسفر بهدف زيارة مبادرات ملهمة، ومجاورة أشخاص لديهم تجربة غنية ومثيرة.

وتشكل مبادرة "سفر" أحد برامج الملتقى التربوي العربي ومقره الإقليمي في الأردن وتنشط في مختلف أقطار الوطن العربي، إذ قدمت أكثر من 237 منحة سفر للشباب منذ إنطلاقة الصندوق في العام 2005، وعقدت 5 لقاءات اقليمية في مختلف أقاليم الوطن العربي (مصر، البحرين، الأردن وتونس) أتاحت خلالها فرصة للقاء الشباب العربي من مختلف الدول للحوار حول مفهوم المبادرات وعرض تجاربهم المختلفة والتأمل فيها.

ومن الملاحظ للعيان أن تجربة صندوق سفر ناجحة بكل المقاييس إذ يساهم الصندوق في بناء ثقافة التعلم لدى الشباب ومن منطلق "البناء على ما هو موجود لدى الفرد" من خلال التأمل الفردي والجماعي في العمل والبناء الفكري على الخبرات المكتسبة.

وبالنظر إلى هذه التجربة فإن الصندوق يعتمد من حيث الموارد المالية والبشرية على جهود عدد كبير من الأفراد المتطوعين وعلى موارد متاحة من الملتقى التربوي العربي كما يعتمد على شراكات مع مؤسسات عربية ودولية للإفادة القصوى من الموارد المشتركة، مما يخلق تجانساً وتناغماً ما بين مؤسسات المجتمع المدني في مختلف الدول العربية تحقق شراكات وطيدة وطويلة الأمد فيما بينها.

وأما عن الموارد المالية وحسبما أفادت المنسقة الإقليمية للصندوق ميس العرقسوسي فإن الصندوق يعتمد على جهات دولية مانحة وهي مؤسسة فورد (Ford Foundation) حيث قدمت الدعم المالي للصندوق منذ بداية تأسيسه في المرحلة الأولى 2005 ونظراً للنجاح الذي حققه الصندوق تم تجديد التمويل لسنتين إضافيتين وشكّل ذلك إنطلاقة المرحلة الثانية للصندوق 2008-2009.

وحول الأسباب الكامنة وراء توجه مبادرة "سفر" للتمويل الأجنبي، أجابت العرقسوسي بأن صندوق "سفر" هو مبادرة عربية وبلا تمويل عربي، لم نتمكن من إيجاد مصادر دعم عربية عند انطلاقة الصندوق وهذا ما دفعنا للبحث عن مصادر تمويل دولية، لكن في هذه المرحلة الحالية نحاول التركيز على إيجاد تمويل عربي خاصة مع ظهور العديد من المؤسسات المانحة في بلدان عربية مختلفة.

لكنها أعربت عن تخوفها حيال هذه المسألة قائلة "لقد كانت لدينا اتصالاتنا الخاصة مؤخراً مع بعض الجهات المانحة في المنطقة لكن ما زلنا نواجه صعوبة في إيجاد تمويل عربي لأسباب تتعلق بسياسة هذه الجهات المانحة حيث لديها توجهات لإيجاد برامج خاصة بها مشابهة لبرامجنا القائمة أو لاسباب تتعلق بإعادة استراتيجياتها الداخلية عقب الأزمة الاقتصادية أو لأسباب تبدو غير منطقية البتة سيما وأن صندوق سفر برؤيته وجميع مكوناته يتكامل مع رؤية وتوجهات هذه الجهات المانحة لكنها لا يقع على سلم أولوياتها!"

والسؤال الملّح هنا ما هو الدور الأمثل الذي يجب أن تقوم به هذه الجهات المانحة فهل يتمثل دورها في إيجاد وتمويل برامج ومشاريع خاصة بها تستهدف المنطقة أم يتمثل في دعم المؤسسات والمنظمات المدنية العربية الموجودة على أرض الواقع؟ فهل أصبحت العلاقة ما بين الجهات المانحة ومؤسسات المجتمع المدني علاقة تكاملية أم تنافسية؟

وبين هذا وذاك، يظل باب التساؤل مفتوحاً وتواصل المبادرات المجتمعية في المنطقة العربية نشاطها، وتواصل الأفكار شق طريقها للتنفيذ في ظل غياب التمويل العربي، في حين أن "جحا أولى بلحم ثوره".

*خاص بـ"العربية.نت"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق