المجتمع المدني - يطالب بحقوقه

الشيخ سلمان العوده - تعصب المجتمع المدني

الأحد، 22 مارس 2009

مفهوم المجتمع المدني

مفهوم المجتمع المدني
06-02-2006يتسم مصطلح المجتمع المدني بغموض شديد، حيث ان هذا المصطلح ليس مصطلحاً علمياً يمكن بالتالي تعريفه بصورة منهجية، بل انه تعبير لغوي، وحتى في هذه الحالة يكتنفه غموض شديد لكثرة شروطه واتساع اهدافه ووظائفه. وبالرغم من كثرة الدراسات في هذا المجال الا ان المفهوم بقي ضبابياً وقابلاً لتفسيرات مختلفة حسب وجهة نظر الباحث وارتباطاته الفكرية. ولو بحثنا في موسوعات الفلسفة فاننا لا نجد مصطلح (مجتمع مدني) بل نجد بها مصطلح (مجتمع) ومصطلح (مدني) كما اننا نجد مصطلح (عصيان مدني) و (قانون مدني) ...... الخ.وبالقاء نظرة الى التاريخ نجد بان فكرة المجتمع المدني ليست حديثة، فقد تطور مفهوم المجتمع المدني عبر العديد من المراحل،وكان أول ظهور لمصطلح المجتمع المدني بالقاموس اللغوي في الحضارة الإغريقية، ثم غاب طويلاً ليعود مرة في القرن السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر وصولا إلى الوقت الحاضر، وتناول العديد من الفلاسفة والمفكرين هذا المفهوم عن طريق العديد من النظريات في مراحل تأريخية متباينة، واختلف المفكرون وأصحاب النظريات في وضع تعريف محدّد للمجتمع المدني ، كما اختلفوا في تحديد مفهومه وطبيعته ودوره. وهذا الاختلاف يتضح في التعاريف المتعددة التي وضعت للمجتمع المدني من قبل المفكرين.ان مفهوم المجتمع المدني في بداية ظهوره لم يكن بالصيغة المتطورة المعروفة في الوقت الحاضر، حيث ظهر هذا المفهوم عند ارسطو في كتابه (السياسة) ويشير هذا المفهوم اللاتيني الاصل الى مجموعة سياسية خاضعة للقوانين تشكل مجتمعا سياسياً يعترف مواطنوه بقوانين الدولة ويتصرفون وفقاً لها، حيث دعا أرسطو الى تكوين مجتمع سياسي (البرلمان) تسود فيه حرية التعبير عن الرأي ويقوم بتشريع القوانين لحماية العدالة والمساواة، إلا أن المشاركة في هذا المجتمع السياسي تقتصر على مجموعة من النخب في المجتمع دون إعطاء الحق للمرأة والعمال والغرباء حق المشاركة وحق المواطنة، ويذكر ارسطو ان الإنسان مدني بالطبع وهو حيوان اجتماعي لأنه يملك الشعور بالخير والعدالة وأن سعادته تتحقق في العيش الجماعي في ظل المدينة، أما افلاطون فانطلق في نظريته السياسية من أساس فلسفي يعتمد على أن الفرد له حاجات ذاتية وهو يسعى لإشباع تلك الحاجات ولا يستطيع اشباعها بطريقة فردية لذا نشأ المجتمع المدني نتيجة للشعور بالحاجة الى التعاون من أجل اشباع الحاجات.وقد تناول العديد من الفلاسفة والمفكرين نظرية المجتمع المدني في افكارهم ونظرياتهم، ومن ابرزهم الفيلسوف الاسكتلندي ( آدم فرجسون ) في كتابه ( مقال في تاريخ المجتمع المدني)( 1767)، توماس باين في كتابه ( حقوق الانسان)( 1791). تبلورت فكرة المجتمع المدني لدى فلاسفة الثورة الانكليزية والفرنسية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، حيث ظهرت النواة الأولى لنظرية العقد الاجتماعي على يد الفيلسوف الإنكليزي (توماس هوبز 1588-1679) في القرن السابع عشر، وتطورت النظرية على يد مواطنه الفيلسوف (جون لوك 1632- 1704).تكاملت النظرية وبلغت صيغتها العلمية الكاملة على يد الفيلسوف الفرنسي (جان جاك روسو 1778- 1712)، بالرغم إن الكثيرين من الفقهاء والمفكرين تناولوا هذه النظرية،فإن هذه النظرية تنسب إلى ( روسو ) والسبب في ذلك يعود إلى أن (روسو) عرض هذه النظرية بوضوح معبراً عن آرائه وآراء من سبقوه بأسلوب ثوري رائع في كتابه الشهير (العقد الاجتماعي).وقد اختلف ( روسو) عن ( أرسطو) الذي وصف الإنسان بأنه (حيوان اجتماعي ) أو اجتماعي بطبعه ،حيث ذهب روسو إلى أن الاجتماع عامة والاجتماع المدني خاصة هو من إنتاج البشر. وفقا لهذه النظرية كان مفهوم المجتمع المدني مرادفاً لمفهوم المجتمع السياسي أي المجتمع المؤسس. إذن عندما ظهر مفهوم المجتمع المدني في القرن السابع عشر فانه كان يرادف مفهوم (الدولة).إن نظرية المجتمع المدني الأوربي قامت في منبعها على المفهوم العلماني للمجتمع فنظرية العقد الاجتماعي كانت بداية المناداة بالمجتمع المدني وان المجتمع السياسي (المدني) نشا نتيجة للعقد السياسي بين الحاكم و الشعب وإن السلطة هي نتاج العقد السياسي وقد اصبح مفهوم المجتمع المدني عند هذا الفريق من المفكرين ملازما للعلمانية.وتناول فلاسفة اخرون، مثل الفيلسوف الالماني (هيجل) و(كارل ماركس)، فكرة المجتمع المدني. وغاب المفهوم ليعود الى دائرة الجدل في تنظير الفيلسوف الايطالي (غرامشي) (1891-1937).لقد إنتقلت فكرة المجتمع المدني من النطاق النظري الى الواقع العملي ابان الثورة الفرنسية وذلك من خلال رفع الشعارات التي كانت تنادي بالحرية والاخوة والمساواة. ووجدت فكرة المجتمع المدني باكورة تطبيقاتها في منتصف القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة الامريكية، ويعتبر ( توكفيل ) من اوائل المساهمين في هذا المجال وبرزت مساهمته في كتابه ( الديمقراطية في امريكا )(1835).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق