المجتمع المدني - يطالب بحقوقه

الشيخ سلمان العوده - تعصب المجتمع المدني

الثلاثاء، 21 أبريل 2009

تمكين المرأة ومنظمات المجتمع المدني

د. رفقة محمد دودين

درجنا عادة على سجال قضايا المرأة في الفكر والممارسة بوصفها تنطلق من منظمات مجتمع مدني قد لبّت المرأة مطلوبات انخراطها الإيجابي والفاعل فيها، وتمثلت في هذه المنظمات على نطاق واسع ، بل ووصلت مواقع التأثير والنفوذ.

بحيث أنها باتت تسعى لإدماج منظور النوع الاجتماعي بنسبة مرضية في خطط واستراتيجيات القطاع العام ، والقطاع الخاص ، تلافياً لأي ضعف أو إقصاء لمشاركة المرأة في الحراك التنموي وعلى كافة مساراته، منطلقة من منظمات مجتمع مدني تتيح الفرص للمرأة لتبني قدراتها ومعارفها متدربة على الصعيد المدني، وقد حددت أدبيات التربية المدنية هذا الصعيد بثلاثة عناصر تتبادل التأثير والتأثر وهي: المعرفة المدنية.

والمهارات المدنية كذلك، ثم الفضائل الموصلة المواطن لعقده الديمقراطي مع دولته، ولعل هذا ما تحتاجه المرأة فعلاً إذا ما أرادت التأهل لحياة مدنية، وخاصة في موضوعة التنوير بالحقوق المدنية والسياسية التي تتبناها منظمات المجتمع المدني، بوصفها بيوت خبرة، وتراكم منجزاً يستحق المعاينة والتوثيق والمأسسة ، هذا بالإضافة إلى أن مثل هذه المنظمات .

ومثل هذه الهيئات نسوية وغير نسوية تتيح فرصة تمكين النساء في الأحياء الشعبية وفي المدن، والقرى، والبوادي، التي قد تنأى عن مراكز العمل والتنوير وتزاحم المناكب حيث ترتكز فعاليات التنمية، وتتعدد، وتتنوع، وتتقاطع في حين أنها تقلُّ لتصبح في صورة مراكز تنموية أو جمعيات خيرية وتعاونية في الأرياف والبوادي تسهم في تدريب وتأهيل المرأة.

وبما يمكن أن نسميه بالسير على هدي سياسات الحياة التي تمليها الحاجة الفعلية والواقع الموضوعي المنضج شروط تحولاته الاجتماعية المخففة من غلواء ترسيم الأدوار في مثل مجتمعاتنا ، وهذا يتطلب العمل على قطاعات المرأة العريضة وليس فقط على النخب ودورها الهام في ترسيخ المثال القابل للتمثل والاقتداء.

حيث يراد لها أن تندمج في عجلة التنمية، وأن تأخذ حقها من التوعية والرعاية الصحية، والبيئية، والتعليمية، والمعرفية حيث أن فجوة المعرفة تشكل أحد أهم تحديات اندماج قطاعات المرأة في عمل منتج نطمئن إلى كونه مصوناً بالقوانين والتشريعات ، حيث يقال عادة إن التقانة تصيب المرأة العربية بالعجز.

والناظر في منظمات المجتمع المدني المختلطة وفي تمثل قطاعات المرأة فيها وفي وصولها إلى مواقع القرار والنفوذ: كالنقابات المهنية، والعمالية مثالاً، سيجد أنها محكومة بتمثلها في القطاعات المجتمعية الأخرى دون تمييز ايجابي تمارسه هذه المنظمات أو كوتات تمكنها من الوصول إلى سدّة اتخاذ القرار وليطالها ترسيم الأدوار المعتادة والحضور النخبوي والإلحاق في حالة الانتخابات وممارسة الحقوق السياسية، وكأنها ضمن هذا الاشتغال تحتاج إلى تمكين وإدماج فعلي حتى في منظمات المجتمع المدني.

وكما في هذه المنظمات من ترسيم للأدوار وفق معيار الجنسوية تبدو الأحزاب السياسية كذلك مطالبة بتمكين المرأة ، بل وبتمييز ايجابي أيضاً لينجح المسعى الشعبي في تلبية مطلوبات الانخراط الحزبي الايجابي الذي سيشكل في موضوعة تمكين المرأة رديفاً لكل جهد آخر، وتراكماً عليه، خاصة وأن الواقع الموضوعي قد يملي شروطه بسبب من اليقظة القسرية لكتلة المعرفة المادية الثقيلة وقد يسبق الراهن في ضرورة توفير مطلوبات تكيف جديدة نابعة من جدل هذا الراهن وتوافقاته باتجاه إيجاد بيئة منطقية متماسكة وجديدة تمتلك الوسائل المادية والمعرفية لتسيير أمور وحياة الجماعات البشرية .

وحيث يفترض أن تقوم مؤسسات المجتمع بتوجيه مسارات هذا الحراك المجتمعي لينسجم مع التطلعات الوطنية والأهداف الإستراتيجية ، ومأسسته وإشاعته، وبما يحقق شراكة فعلية لكافة قطاعات المجتمع بالتوازي وليس بالإلحاق القسري، ويؤهل لانبثاق نخب ملتزمة بخدمة مجتمعها، وغير مغتربة عنه، وليظل تمكين المرأة مطلباً يحتاج إلى تطبيق وتأهيل حتى في منظمات المجتمع المدني ذاتها، اختباراً لأطروحتنا في الديمقراطية وتقدمية ومؤسسية العمل مهما تعددت العناوين وتنوعت.

عن صحيفة الرأي الاردنية
14/4/2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق