المجتمع المدني في الدول العريبة
مقدم الحلقة فيصل القاسم
ضيوف الحلقة - فاروق سبع الليل، رئيس الجمعية العربية لحقوق الإنسان في فرنسا سابقا
- عبدالحليم قنديل، رئيس التحرير التنفيذي - صحيفة العربي - القاهرة
تاريخ الحلقة 10/04/2001
فاروق سبع الليل
عبد الحليم قنديل
د. فيصل القاسم
د. فيصل القاسم: تحية طيبة مشاهدي الكرام. ما هو المجتمع المدني؟
هل نحن بحاجة إليه؟
لماذا أصبح يثير ضجة وجدلاً كبيرين في الكثير من الدول العربية؟
لماذا تنظر الأنظمة العربية إلى دُعاة هذا المجتمع بوصفهم ثُلَّة من المارقين والجواسيس وأن نشاطهم رجس من عمل الشيطان؟
ألا يمكن القول أن المجتمع المدني هو الرد الطبيعي على أنظمة الاستبداد والقمع والطغيان؟
لماذا تستعدي الحكومات العربية كل جماعة تحاول أن تدافع عن مصالح الجماهير وحقوقها؟
ألم تؤمم الأنظمة العربية كل شيء تقريباً في الحياة العربية دون أن تترك أي هامش لأي نشاط سياسي، أو ثقافي، أو اجتماعي، أو اقتصادي حرٍ و خلاَّق؟
ألم تُخْتزل الدول العربية في كثير من الأحيان بشخص الحاكم الذي أخصى كل شيءٍ تقريباً، ليكون الفحل الوحيد على الساحة هو وأجهزته؟
ألا يعني المجتمع المدني اشتراك المجتمعات والشعوب بإدارة أمور بلادها وحياتها بمختلف أنواعها وتوجهاتها؟
أليس شيئاً رائعاً أن يكون هذا المجتمع قائماً على جملة واسعة ومتنوعة من المؤسسات المستقلة عن الدولة، ويعمل من خلال مفاهيم المواطن والمواطنة، والدولة، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، والتعددية الحزبية، والتمثيل البرلماني؟
ويتساءل أحد المفكرين: هل عندنا نحن العرب مجتمع مدني، أم أن كل أشكال هذا المجتمع من أحزاب ومراكز اجتماعية وبحثية، ونقابات، وجمعيات، وحقوق إنسان، وبيئة، و نواد رياضية وسواها، عليها أن تمر عبر بوابة أجهزة الأمن والولاء للسلطة أو العمل على خدمتها، كي يُسمح لها بالعمل والنشاط؟
ويتساءلون أيضاً: لماذا تُدار معظم المؤسسات العربية بعقلية استخباراتية أمنية؟
لماذا لا ننظر إلى المجتمع المدني على أنه وسيلة من وسائل تحرير الشعب العربي المحتل من قبل حكوماته؟
أليست سلطة الدولة في العالم العربي –أحياناً- سلطة طُغاة ينبغي أن ترفع يدها عن الشعوب التي يجري التعامل معها بمنطق الوصاية، ويتم تلقينها أيدلوجيات السلطات الحاكمة لتبرير مسوغات وجود السلطة واستمرارها في الحكم والتحكم بالشعوب؟
هل هناك في الوطن العربي دولة بمفهوم الدولة، أم سلطة اغتصبت الدولة والمجتمع معاً؟
ألسنا بأمس الحاجة إلى قيام مجتمعات مدنية في كل الوطن العربي؟
لكن في المقابل يرى المشككون ف ظاهرة المجتمع المدني –عربياً- أنها حق يُراد به باطل، فهم مع تحقيق العدالة والديمقراطية وإزالة أشكال الديكتاتورية والاستبداد، لكن على أسس وطنية بالدرجة الأولى، ومن هذا المنطلق فهم يرون فيما يُسمى بجمعيات المجتمع المدني التي تنبت كالفطر في العديد من الدول العربية طابوراً خامساً، أو أدوات خبيثة لأيادٍ أجنبية هدفها ليس إقامة الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، بل تفتيت المنطقة وتمهيد الطريق أكثر فأكثر أمام الاختراق الصهيوني للوطن العربي. ويتساءلون: لماذا ترتبط منظمات المجتمع المدني العربية بأجندة خارجية؟
وما علاقة هذه المنظمات العربية بالهيئات الغربية؟
ثم من قال إن الوطن العربي يخلو من الجمعيات المدنية؟
أليس هناك أكثر من مائة ألف جمعية عربية أهلية؟
وهناك من يرى في ظاهرة المجتمع المدني العربي أنها محاولة مفضوحة لجعل الوطن العربي أكثر تبعية لأميركا مما هو عليه الآن، ثم أليس هذا المجتمع هو وجه آخر للنظام العلماني الغربي الذي يحاولون فرضه على العالم الإسلامي؟
كيف ندعو إلى مجتمع مدني على النمط الغربي في عالم عربي محكوم بالقبلية والمذهبية والولاءات الضيقة؟
فحتى الحزب الشيوعي في وطننا العربي حزب قبلي وطائفي وحتى عائلي.
أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على السيد/ عبد الحليم قنديل (رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة العربي القاهرية)، وعلى السيد/ فاروق سبع الليل (رئيس الجمعية العربية لحقوق الإنسان في فرنسا-سابقاً).
للمشاركة في البرنامج يُرجى الاتصال بالرقم التالي 4888873 وهو عبارة عن أربعة خطوط ، ورقم الفاكس 4885999 وبإمكانكم المشاركة الحية عبر الإنترنت على موقع الجزيرة www.aljazeera.net.
[فاصل إعلاني]
د. فيصل القاسم: سيد قنديل في البداية ألا تعتقد أنه من الإجحاف الشديد أن يعني نصف –في بعض الأحيان- المجتمع المدني وهيئات المجتمع المدني وجمعياته ومنظماته بأنها طابور خامس، وفي بعض الأحيان يقولوا: أنها طابور أول؟
عبد الحليم قنديل: يعني لكي نتبين إذا كان من الإجحاف أم من العدالة وصف ما يُسمى منظمات المجتمع المدني بهذا الوصف يجب أن أؤكد على عدَّة نقاط، النقطة الأول: أنني أقف موقف المعارضة لكافة الأنظمة العربية، وأسباب المعارضة أكثر من الهم على القلب: كبت الحريات، تبعية، إهدار الاستقلال، تخاذل في مواجهة الخطر الموحد، زيادة المخاطر الداخلية بما يفتح باب جهنم في المنطقة العربية، هذه نقطة.
النقطة الثانية: أن تعبير المجتمع المدني بحاجة إلى إعادة فحص وضبط، أحياناً يُطلق تعبير المجتمع المدني لكي يشمل كل الهيئات والمنظمات الفاصلة ما بين الدولة من جهة وما بين الأسرة من جهة، أي أنه يشمل كافة الأحزاب والنقابات والجمعيات إلى آخره.
د. فيصل القاسم: صح.
عبد الحليم قنديل: وفي المجتمع العربي –كما أشرت في المقدمة- هناك أكثر من مائة ألف جمعية أهلية، بعض.. الناس يصفون أو يريدون حصر المجتمع المدني في معنى الجمعيات الأهلية، ولو حصرناها حتى في هذا الإطار سنجد أن هذا العدد الضخم من الجمعيات يوحي لأول وهلة بحيوية فائضة، بينما في الممارسة هناك تقييد لهذه الحيوية، هذا التقييد لهذه الحيوية نابع من سيطرة الأمن والإدارة من جهة أخرى.
نأتي إلى ما يوصف تحديداً بأنه طابور، أنا لا أعتقد وصفه بأنه طابور خامس يوحي بأنه هناك معركة بين طرفين، وأن طرفاً يعني ألقى بطابور خامس وراء قوات المدافعة عن الوجود العربي، أنا أعتقد أن هذا وصف مخالف لما عليه الواقع العربي الآن. يمكن وصف بعض المجموعات الأعلى صوتاً والتي تكاد تحتكر لنفسها تسمية المجتمع المدني، وتنشط في مجالات حقوق الإنسان والمرأة و الأقليات إلى آخره، وتتلقى تمويلاً خارجياً، هذه المجموعات –في ظني- ليست من المجتمع المدني أو من المجتمع الأهلي، بل هي بوابات اختراق وطابور أول في هذا الاختراق..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طابور أول، آه.
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: هذه نقطة. هذه النقطة الثانية أن هذه المجموعات تقدم نفسها على أنها في موقف المعارضة للأنظمة القائمة، وموقف المعارضة مما يُغري بوضعها في موقف المعارضة أنها تكاد ترفع شعارات تبدو مغايرة لما عليه الوضع العربي من كبتٍ في الحريات، ومن ركود في الحياة السياسية والنقابية إلى آخره، لكن واقع الأمر تأمل أجندة أو أولويات هذه المنظمات الممولة خارجياً، ثم تأمُّل دورها يدلك على أن هذه المنظمات هي مجرد احتياط استراتيجي لمشروع الهيمنة الأميركية الإسرائيلية على المنطقة، نعرف أن المنطقة تُعاني من هيمنة أميركية اقتصادية وسياسية وعسكرية حتى، ونعرف وجود الكيان الإسرائيلي كخطر جامع، أعتقد أن هذه المجموعات التي تقدم نفسها الممولة خارجياً التي تقدم في موقف المعارض.
د. فيصل القاسم: المجتمع المدني.
عبد الحليم قنديل: في موقف المعارضة يعني هذا القطاع الذي يزوَّر المجتمع المدني، أو المجتمع الأهلي ولا يُعد الأعلى صوتاً، الذي نسمعه في كل مكان يتحدث باسم المجتمع المدني، ويتصور نفسه في موقف المعارضة، هو احتياط استراتيجي لهذا المشروع، فقد تعلَّمت.
د. فيصل القاسم: طيب، طيب.
عبد الحليم قنديل: تفضل، تفضل.
د. فيصل القاسم: الكثير من النقاط، سأعطي المجال للسيد سبع الليل، كيف ترد على هذا الكلام؟ يعني اتهام بأنه ليس طابور خامس بل طابور أول، وهناك كلام عن إنه..
عبد الحليم قنديل: تزوير المجتمع المدني.
د. فيصل القاسم: أيه، طيب.
فاروق سبع الليل: أنا في البداية اسمحوا لي بأن أستعير بعض المفردات الطبية، وأن أحوال أن أصف المجتمع المدني أشبهه بما.. بما هو الترياق، الترياق الذي يفرزه جسم الإنسان ليتولى الدفاع عنه ضد أي آفة مرضية تصيب جسم الإنسان، وفشل جسم ما في إفراز هذا الترياق يعني أنه مريض، وإذا استخدمنا التعبير الطبي لهذا المرض، فهو مريض بالإيدز أو بالـ"SAID"، لأنه مرض فقدان المناعة في اللغة العربية، وأنا أعتقد أن المجتمع المدني هو الذي يفرز هذه المناعة في وجه هذه الأنظمة، في وجه هذه الدول التي لم يعد السلطات التي قد هيمنت هيمنة كاملة على دولها وأصبحت مهيمنة على المجتمع الأهلي، وتمنع أي دور للمجتمع المدني بالكونه حلقة وسيطة موجودة بين طرفي وقُطبي سُلطة الدولة والمجتمع الأهلي. هذه الحلقة المفقودة تمنع الأنظمة العربية تشكلها، وبالتالي تمنع أن يفرز الجسم الاجتماعي العربي الترياق الذي يسمح له بالدفاع عن..
د. فيصل القاسم: نفسه.
فاروق سبع الليل: نفسه، وعن مشروعه.. وعن مشروعه. أما الكلام بأنه هناك هذا الوصف لمناضلي المجتمع المدني، ولحماة المجتمع المدني بأنهم عبارة عن فيلق طابور خامس.
د. فيصل القاسم: أو طابور أول!!
فاروق سبع الليل: أو طابور أول، فأنا أعتقد أنه هذا كلام –فيما يتعلق بقضايا التمويل- هذا كلام حق يراد به باطل، في مجتمعات ديمقراطية، في مجتمعات ديمقراطية إذا كان فيه هناك أطرف أو جمعيات أو أشخاص يتلقون دعماً خارجياً، وهذا الدعم الخارجي عملياً ينال بأمن الوطن وأمن المجتمع، ففي مجتمعات ديمقراطية القانون هو الذي يطال هؤلاء الناس..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: يأخذ مجراه.
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: ويطالهم هم، لا يمكن أن نقدم المجتمع المدني الذي هو النافذة اليوم لمجتمعنا لأن تُبقي.. تُبقي أمل لشعوبنا ومجتمعاتنا بأن ننتقل من مجتمعات متخلفة، ممزقة، مُهيمن عليها، قيمة الحرية مفقودة في هذا المجتمع، قيمة الإنسان كقيمة بالذات، في المجتمعات الغربية الإنسان قيمة بحد ذاته، في مجتمعاتنا الإنسان ليس له وجود ولا قيمة له، نختبئ حول تعابير الوطنية والقومية وتعابير من هذا النوع من أجل أن نسحق الوحدة المركزية التي يمكن أن تسمح لشعوبنا بالصمود وهو الإنسان، والإنسان العربي هو الأساس.
د. فيصل القاسم: طيب.. طيب.. يعني أنا أريد –يعني كي المشاهد يكون في الصورة- أريد أن.. أن نُعرِّف باختصار مفهوم المجتمع المدني، لأنه مفهوم حتى الآن.. يعني بالرغم من انتشاره في العالم العربي في الآونة الأخيرة، لكنه يعني هناك نوع من الضبابية حوله، أنا أريد أن أقول بعض الكلمات وسنعلق عليها، بأنه يعني هذا المفهوم ظهر في القرنين السادس والسابع عشر مع نظريات العقد الاجتماعي عند توماس هوبس، وجون لوك، وجان جاك روسو. وكان يُشير في ذلك الوقت إلى مجتمع المواطنين الأحرار الذين يختارون بإرادتهم الحُرَّة شكل وشروط الحكم الذي يعيشون في ظله. وقد اختفى مصطلح المجتمع المدني من التداول في نهاية القرن التاسع عشر لتحل محله مصطلحات أكثر جاذبية مثل الديمقراطية وغيرها، لكن ذلك المفهوم عاد إلى الساحة الدولية بقوة قبل حوالي عشرة أعوام بعد سقوط المنظومة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية، وهو الآن موجود في.. على الساحة العربية.
هذا مجرد تعريف، أنا أنتقل للسيد قنديل، سيد قنديل أنت تقول إنه احتياطي استراتيجي للهيمنة الأميركية على المنطقة، وإنه هذه الجمعيات أو ما يُسمى بالمجتمع المدني تريد يعني أن تسهل الطريق أكثر فأكثر أمام الأميركان. يعني أنت تعلم أن الأميركان –وقُلت ذلك- وأن الغرب مهيمن على.. على الساحة العربية في كل الأنظمة تقريباً له.. له وجود وله ضغط على هذه الأنظمة.
عبد الحليم قنديل: هذا صحيح.
د. فيصل القاسم: هناك من يقول في واقع الأمر: ما العيب أين يبقى هذا العالم الغربي أو هذا الغرب مسيطراً على العالم العربي، لكن من خلال أنظمة ديمقراطية على الأقل، يعني الاثنين كما تقول عملاء للغرب، آه، أنت تريد أن تقول عملاء للغرب، لكن على الأقل، أن يكون عميل يقمع شعبه ويضطهد الحريات ويدوس على كل كرامات الناس، والمجتمع المدني على الأقل إذا كان عميلاً لكنه عنده نوع من الديمقراطية والليونة في التعامل مع هذه الشعوب، حتى على هذا السوء هو أفضل من الموجود.
عبد الحليم قنديل: أريد فقط ضبط الأصول لكي يتضح المفهوم، أنا ما اصطلح على تسميته.. أو ما يصطلح على تسميته في المجتمع المدني اللي ظهر لأول مرة مع نشأة البرجوازية وعقودها الاجتماعية إلى آخره، وما يُصدَّر إلينا الآن على إن مجتمع مدني، أنا أميز فيه بين شيئين أنا لا أميل لاستخدام تعبير "المجتمع المدني"، لأن تعبير "المجتمع المدني" يدمج كافة أشكال الحضور الاجتماعي والسياسي، فلا تستطيع التمييز بين الحزب والنقابة والجمعية إلى آخره. أنا أميل لتعبير المجتمع الأهلي الذي يشمل الجمعيات التي تنشط في مناشط مختلفة حول فكرة إطلاق حيوية المجتمع.
لماذا إطلاق حيوية المجتمع مهمة في هذا التوقيت؟ إطلاق حيوية المجتمع مهمة في ظل ما جرى من متغيرات دولية جاءت بالسلب على حصانة الدولة، فلتأكيد هذه الحصانة وللسعي لدرجة أعلى من الاستقلال أتصور أنه لابد من تأكيد سيادة المجتمع، وسيادة المجتمع تكون أساساً بفك القيود الأمنية والإدارية على نمو الطاقات جميعاً، الأحزاب والنقابات والجمعيات، هذه نقطة منتهية. ما أريد أن أؤكد عليه هو: أن الجماعات الأعلى صوتاً، أو الأفراد الأعلى صوتاً، وهم الذين أصفهم بالطابور الأول ضمن سياق هجوم، وأنهم جزء من الاحتياط الاستراتيجي لهذا الغرب، هذه الجماعات الأعلى صوتاً تكاد تحتكر صفة المجتمع المدني، وتتحدث باسمه، وتقف تحت يافطته، رغم إنه هناك بالفعل جماعات في المجتمع المدني لها موقف حاسم ضد التمويل الأجنبي كالمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وهناك مراكز بحثية زي مركز.. كمركز دراسات الوحدة العربية، لكن هناك عدد كبير جداً يتوالد أرنبياً في عدد كبير من الأقطار العربية تحت شعار المجتمع المدني، هذه.. حضور هذه الجماعات في هذه الأقطار التي درجت على بعض التسامح ع التعددية إلى آخره –يعني ما قد تقوله عنه ليونة- لم يؤدِّ بالفعل لا إلى التطور في اتجاه الديمقراطية، ولا إلى ضمان الاستقلال.
لماذا أقول احتياط استراتيجي؟ احتياط استراتيجي ما أقوله بمعنى أنه إذا كان الغرب إلى حد كبير وأميركا بصفة خاصة قد ساهمت في صُنع مأساتنا مع الحُكام بالطبع، لا نعلق كل مآسينا على شمَّاعة خارجية، لكن هذا الدور الخارجي فاعل ومؤثر في أدق شؤون حياتنا الآن، إذا كان هؤلاء الحكام كذلك فنشأة مجتمع مدني بهذه الطريقة، أو عدم الوقوف ضد هذه الظاهرة اللي تُسمي نفسها المجتمع المدني والتي امتداد.. التي هي امتداد لمجتمع خارجي، يضر بقضية الديمقراطية، ثم إنه يضر قبل ذلك بقضية الاستقلال. أتصور أن أي حديث عن المجتمع المدني لابد أن يربط بين شيئين اثنين: الديمقراطية من جهة، والاستقلال من جهة أخرى.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب، طيب.
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: أتصور أن جماعة كحزب الله على سبيل المثال هي المثال الأرقى للمجتمع المدني اليوم.
د. فيصل القاسم: طيب سنأتي إلى ذلك، سنأتي إلى ذلك، كيف ترد سيد فاروق سبع الليل؟
فاروق سبع الليل: أعتقد أنه النقاش.. الحوار اليوم يدور حول المجتمع المدني، وأنا أجد أنه فيه هناك توجه لنقل الحوار إلى مسألة التمويل الخارجي، أريد أن أقول..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: هذا محور وليس الموضوع بشكل عام، هذا محور.
عبد الحليم قنديل: أنا قلت هذا حق يراد به باطل.
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: سبق.. سبق.. سبق أستاذ عبد الحليم أني قُلت بأن هناك فيه أكثر من مائة ألف جمعية أهلية مدنية في الوطن العربي.. مائة ألف، كم جمعية، وكم منظمة غير حكومية من هؤلاء المائة ألف يتلقى دعماً خارجياً؟
عبد الحليم قنديل: هذا يا سيدي أنا قُلت أن هناك مائة ألف جمعية عدداً في الوطن العربي.
فاروق سبع الليل: الذي يتلقى..
عبد الحليم قنديل: أغلبها الساحق معطَّل بتدخل الأمن والإدارة.
فاروق سبع الليل: نعم، المجتمع المدني، المجتمع المدني ما نحن سبق.
عبد الحليم قنديل: أنا أتحدث عن الكتلة النشطة التي تنشط ويعلو صوتها، وتكاد تحتكر تسمية المجتمع المدني.
فاروق سبع الليل: يا أخ عبد الحليم، يا أخ عبد الحليم ما نحن بالأساس قُلنا بأنه المجتمع المدني هو الترياق اللي يفرزه الـ..
د. فيصل القاسم: الجسم.
فاروق سبع الليل: الجسم، جسم الاجتماعي من أجل..
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: أنا أقول: أن هناك نوعية من المجتمع المدني تزوِّر المجتمع المدني وهي داء لا دواء. لكن كيف تتحدث عن ترياق هكذا بصفة مطلقة؟ كيف تتحدث عن جماعات تطبع مع إسرائيل، وتعمل من أجل تفتيت الوطن العربي، وتعمل كأداة لأميركا في اتجاهات مختلفة، وهناك عدد هائل من الوثائق والمستندات بهذا الخصوص؟ كيف تتحدث عنها بصفتها ترياقاً؟ ترياقاً من أجل ماذا؟
فاروق سبع الليل: يا سيدي.
عبد الحليم قنديل: تمتلك الحُرية من أجل ماذا؟ إذا كان.. يعني هل هناك إمكانية للفصل بين حقوق الأوطان وحقوق الإنسان؟
فاروق سبع الليل: أستاذ عبد الحليم، المجتمع المدني ومنظمات المجتمع المدني هي التي تأخذ على عاتقها اليوم أهم القضايا التي تواجه أمتنا العربية.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب.. سأعطيك المجال..
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: دعني.. دعني أضرب لك، دعني أضرب لك مثالاً يا سيد..
د. فيصل القاسم: بس دقيقة.. بس دقيقة.. دقيقة سيد، يا سيد دقيقة، سيد قنديل سأعطيك المجال، سأعطيك المجال.
[موجز الأخبار]
د. فيصل القاسم: سيد سبع الليل.. سمعت هذا الكلام، أنا أريد الرد على الكلام القائل بأن ما يُسمى بالمجتمع المدني الذي كما تعلم الآن بدأ يُثير ضجة وجدلاً كبيرين في الكثير من الدول العربية، في عدد كبير من الدول العربية، في المغرب والمشرق هناك كلام وضجة وجدل حول هذا المفهوم، منظمات هذا المجتمع؟ المجتمع بشكل عام هو عبارة عن امتداد خارجي، وإذا كان هناك كلام عن نهضة وديمقراطية فيجب أن يكون ذلك على أسس وطنية بالدرجة الأولى، ولا يكون تابعاً لأجندة خارجية ليس الهدف منها إقامة ديمقراطية أو أي شيء آخر، ولدي يعني في الإنترنت مشاركة 33 من سعادة.. سعادة توفيق عواد –فلسطيني- يقول: المجتمع المدني هو أحد حلقات النظام العالمي الجديد، دُعاة هذا النهج يؤدون دورهم حسب ما يخطط له سادة النظام العالمي الجديد، وهؤلاء الدعاة مجرد ببغاوات. كيف ترد؟
فاروق سبع الليل: المجتمع المدني بالصورة اللي مطروحة اليوم مسألة التمويل هي التي تنال من هذا الدور الذي يقوم فيه هذا المجتمع المدني، التمويل..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: سنأتي على التمويل، لكن نبقى في الموضوع، آه.. سنأتي على التمويل أيه.
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: التمويل.. التمويل سنأتي على التمويل، فيما يتعلق بالمجتمع المدني.
د. فيصل القاسم: امتداد خارجي.
فاروق سبع الليل: اللي هو.. ليس امتداداً خارجياً لأنه قد شهدت بلادنا، طبعاً هو لا جدل أنه المجتمع المدني كمفهوم يأتي ما بعد الحداثة السياسية.
د. فيصل القاسم: صحيح.
فاروق سبع الليل: وبالتالي المجتمع المدني اليوم قد عاد إلى الظهور وأخذ انتشاراً واسعاً ابتداءً من أعوام الثمانينات.. أعوام الثمانينات والتسعينات والآن عملياً فيه هناك شيوع كبير لمفهوم ومصطلح المجتمع المدني في العالم العربي.
أما عالمنا العربي فقد شهد ومنذ القرن التاسع عشر محاولات عديدة جداً لما يُسمى وجود مجتمع مدني في بلادنا، رغم عدم وجود الدولة ذات السيادة في ذلك الوقت، رغم عدم وجود الدولة ذات السيادة، وأنا لدي كثير من المصادر التي يستخدم فيها، مثلاً عبد الرحمن الكواكبي، محمد عبده استخدم حتى تعبير الحكم المدني والنظام المدني، وبالتالي أنا أعتقد أنه الجذور لمفهوم المجتمع المدني موجودة أيضاً في مجتمعاتنا ومنذ القِدم، ولكن اليوم فيه هناك تعبيرات حديثة لهذا المجتمع المدني، وأنا لا أعتقد إنه الهيمنة الأميركية تريد أكثر مما تحظى فيه حالياً وعن طريق الأنظمة القائمة مباشرة، المطلوب اليوم حماية هذه الأنظمة، وحماية هذه الأنظمة كي لا يحدث كما حدث في أوروبا الشرقية، وقد انهارت هذه الأنظمة الشمولية انهيار كارتوني خلال عشرة أعوام، والكل يعلم أنه مسألة المجتمع المدني، وأنت طرحت قبل.. قبل قليل العلاقة بين المجتمع المدني والوطنية والمجتمع المدني والديمقراطية، وأنا أتمم، والتنمية، وأقول: ليس هناك وطنية بلا ديمقراطية، علينا أن نرفع الديمقراطية إلى مستوى الولاء الوطني، لأنه إذا لم نرفع الديمقراطية إلى مستوى الولاء الوطني سنتابع خطابنا السياسي، وسنترك مجتمعاتنا في الواقع المتردي القائمة فيه..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب، وأنا..
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: نحن أمة الآن خارج التاريخ، نحن أمة اليوم خارج التاريخ الأمة تشكُّل تاريخي، الخطاب القومي التقليدي الموجود لم يعد يفي بالمتطلبات، علينا أن نعود إلى مسار التاريخ، علينا أن.. أن نخلق الآليات والأدوات والأطر التي تسمح لنا بالعودة إلى التاريخ حتى نُصبح فاعلين في حركة التاريخ. نحن اليوم خارج التاريخ، والمجتمع المدني هو النافذة التي يمكن أن تسمح لنا بتحرير هذا المجتمع، تحرير هذا المجتمع ليس بالضرورة بأنه المجتمع المدني هو معركة صراع ومعارضة سياسية مباشرة مع الأنظمة القائمة، نحن.. المجتمع المدني يريد أن يُعطي لكل ذي حق حقه، قُطبي المعادلة في المجتمع هي الدولة.
د. فيصل القاسم: والأسرة.. المجتمع.
فاروق سبع الليل: والمجتمع الأهلي، وأنا أختلف مع الأستاذ عبد الحليم قنديل حول تعريفه..
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: قطبي.. قُطبي الدولة!!
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: حول تعريفه للمجتمع الأهلي، حول تعريفه للمجتمع الأهلي، هناك المجتمع الأهلي، هذا المجتمع الأهلي بدون مقاومة، هذا المجتمع الأهلي تتسلط عليه دولة، والدولة متسلطة عليها السلطة، وبالتالي هذا المجتمع الأهلي ليس لديه إمكانية للدفاع عن مسألة أساسية هي الحرية كقيمة أساسية في الإنسان، وكقيمة عليا، ولا يمكن لإنسان عملياً أن يُقدم شيء خارج إطار الحرية.
د. فيصل القاسم: طيب، وأنا لدي –عفواً دقيقة- لدي فاكس من سيد ياسين أحمد صالح (رئيس مركز عدن لدراسات وتنمية الديمقراطية) يؤكد على هذا الكلام، يقول: "لا يمكن الحديث عن المجتمع المدني في ظل غياب الدولة الوطنية الديمقراطية، ونعني بذلك الدولة المعبرة عن إرادة المواطنين الأحرار وحماية حقوقهم ومصالحهم دولة محايدة غير تابعة لعشيرة، أو طائفة، أو قبيلة، أو حزب، مهمتها حماية سيادة الوطن، وتطبيق الدستور والقوانين وصيانة الحُريات العامة وحقوق الإنسان، وهذا غير موجود". نأخذ بعض المكالمات، أم زيادة –من تونس- تفضيل يا ستي..
أم زياد: كلامي للسيد قنديل أولاً.
د. فيصل القاسم: الصوت.
أم زياد: يقول الكتلة النشيطة للمجتمع المدني أغلبها محتكر من الأمن والإدراة.
د. فيصل القاسم: الصوت.
أم زياد: وبعضها الآخر طابور أول، ماذا بقي لنا إذن؟! هل يعني هذا أننا يجب أن نصرف النظر عن المجتمع المدني؟ وفي هذه الحالة ما هو بديلنا عنه؟ أرجو أن يوضح لنا الأخ قنديل هذه النقطة، وأمر إلى مداخلتي. تصديقاً للأخ سبع الليل أقول: إنه وجد عندنا في تونس وزمن الاستعمار مجموعة من التنظيمات والأحزاب لعبت دوراً أساسياً في مقاومة الاستعمار، وهذا يدل على أن المجتمع المدني غير مشروط بضرورة قيام نظام ديمقراطي. أنا الآن أفضل أن أسأل: كيف تتعامل اليوم دولنا مع المجتمع المدني؟ الذي حدث ويحدث هو أن أنظمتنا لا تقبل بوجود هذا المجتمع المدني، ولكنها لأنها تعتبر أنها قادرة على أن تكون الخَصْم والحكم، ولكنها في نفس الوقت تحتاج إلى مكونات المجتمع المدني لزوم الديكور يعني ولمآرب أخرى، فماذا تفعل؟ واحد: تعمد إلى تدجين ما تستطيع تدجينه من الهياكل الموجودة، وما استعصى عليها من هذه الهياكل تحاول تعطيله، مثل ما يقع اليوم للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
اثنين: تستحدث هياكل جديدة، تفبركها وتفصلها على مقاسها لتكون لها أداة دعاية وعكازاً تتكئ عليه كلما أصيبت الحياة السياسية عندها بأزمة، هذه الهياكل تقوم أيضاً بدور أكثر خطورة فهي سلاح تضرب به السلطة أحزاباً تريد استئصالها وأخرى تريد تفتيتها من الداخل، حتى لا تكبر ولا تؤدي دورها الطبيعي في المجتمع وهذا التعامل مع المجتمع المدني أفرغه من محتواه وحوله لا إلى طابور خامس، بل إلى عجلة خامسة لا يحتاج إليها في شيء إلا فيما يضر المجتمع، وهو ما أصاب حياتنا السياسية والإعلامية والجمعياتية بالعُقم والتصحر، واختزل المجتمع المدني في هياكل أغلبها مُنصَّب يتعايش من شعارات المجتمع المدني وهو يضربه في العمق.
كلمة أخرى وأخيرة أرجو أن تسمح لي بها عن الطابور الخامس يا أخي، حان الوقت لنضع حداً لاتهام كل من يريد التحرر بأنه تابع للغرب، الديمقراطية هي عُصارة تجارب الأمم، وهي إرث إنساني من حق العرب أيضاً أن يطالبوا بنصيبهم فيها، والذي يروج في الحقيقة لهذه الاتهامات هي مرة أخرى أنظمتنا، أنظمتنا تستورد سلع الغرب، وتهدر المال العام لاقتناء أحدث تقنيات القمع الشعبي، ولمَّا يتعلق الأمر باقتباس مفاهيم سياسية تحرُّرية ترفع أصوات الولولة والتباكي على الشخصية الوطنية و تجعل ذلك مقدمة لفتكها بمعارضيها. أرجو أن تنبهوا إلى هذا الابتزاز الرخيص للمشاعر الوطنية لدى شعوبنا.
د. فيصل القاسم: طيب.
أم زياد: وأرجو أن تقولوا إنه في أكثر أحواله مجرد محاولة متعمدة لخلق عدو خارجي وهمي يُلهي الناس عن المطالبة بتغييرات ضرورية في الداخل، وشكراً لكم.
د. فيصل القاسم: صح، شكراً، سيد قنديل يعني هجوم عنيف عليك، أنت بطريقة أو بأخرى.. بطريقة أو بأخرى بالرغم من أنك قلت في البداية بأنك مع الديمقراطية وضد الأنظمة الديكتاتورية وإلى ما هنالك، أنت في واقع الأمر تؤدلج وتنظر للأنظمة الدكتاتورية من خلال هذا الطرح. أنا أسأل سؤالاً يعني تعقيباً على كلام أم زياد. ما هو البديل لدنيا نحن العرب في النظام السياسي؟ نحن دائماً نتشدق بموضوع السيادة وموضوع الاستقلال وموضوع الوطنية وإلى ما هنالك من.. من هذا الكلام، آه، لكنه يبدو أنه حق يراد به باطل، هل لدينا نحن العرب مشروع سياسي حكمي يعني لحكم البلاد؟ وليس لدينا، الـ.. يعني نتحدث دائماً إنه يجب أن نكون مختلفين عن الغرب حضارياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، الخلاف الوحيد بيننا وبين الغرب أو الاختلاف الوحيد بيننا وبين الغرب أننا نتميز عن الغرب بالتخلف والفقر والديكتاتورية والقمع، هل هذا ما تريده؟ يعني ما العيب إذا كان المجتمع المدني.. يعني مفهوماً.. مفهوماً غربياً مستورداً؟ كما قالت أم زياد يستوردون من الإبرة حتى الشماغ؟ فيعني عندما يأتي الأمر غلى موضوع المجتمع التحرري يصبح هذا رجس.. رجساً من عمل الشيطان!
عبد الحليم قنديل: أنا لا أتحدث عن رجس من عمل الشيطان ولا يعني عن كل هذه التخليطات، أنا أتحدث ببساطة ووضوح عن نهضة المجتمع ببطاقاته الذاتية، أنا أتحدث بوضوح عن أن الديمقراطية ليست سلعة تشترى من السوق، الديمقراطية نتاج تفاعل اجتماعي وصدام بين قوى اجتماعية، هذا الصدام هذه الحيوية هي التي تخلق ديمقراطية حقيقية، أما الاستعارة فلا تخلق ديمقراطية حقيقية، هذه الأنظمة استعارة ديكور ديمقراطي، وهذه المجتمعات المدنية استعارت ديكوراً للمجتمع المدني، هذا الديكور الذي استوردته هذه الأنظمة لم يؤدي إلى ديمقراطية حقيقية حتى الآن بعض تجاربنا التعددية المقيدة أكملت ربع قرن من حياتها ولم نصل إلى هذه الديمقراطية، لماذا؟ لأنه ببساطة لم يجري.. لم يجري إطلاق طاقات المجتمع من عقالها لكي تعبر عن نفسها بنفسها، نقطة أخرى، أريد أن أؤكد عليها..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب.. طيب، أنا أريد أن نبقى في موضوع المجتمع المدني..
عبد الحليم قنديل: تفضل.. تفضل
د. فيصل القاسم: المجتمع المدني.. أنا أتكلم عن المجتمع المدني هنا.
عبد الحليم قنديل: تفضل.. تفضل
د. فيصل القاسم: كيف ترد؟ يعني كلامي كان حول المجتمع المدني.
عبد الحليم قنديل: أنا قلت فيما أسلفت أن تعبير المجتمع المدني نفسه لا يدل على شيء بذاته، ولذلك فهو مصطلح يعني خادع فضفاض، أنا أتحدث بوضوح عن شيء اسمه الأحزاب، شيء اسمه النقابات، شيء اسمه الجمعيات الأهلية، وحين تحدثت.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: كلها تشكل المجتمع المدني كلها.. كلها تشكل آه..
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: لا.. يا سيدي.. يا سيدي.. يا سيدي، لكي تشكل كلها المجتمع المدني، فيجب أن نعرف لماذا تتحرك بعض قطاعات هذا المجتمع المدني في اتجاه وتتحرك قطاعات أخرى في اتجاه؟ أضرب أمثلة على سبيل المثال، يعني الأخت تحدثت عن فكرة العجلة الخامسة، العجلة التي قد لا يصيبنا منها ضرر لكن ليس منها نفع..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: لا فائدة.. طيب.
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: في وصفها لبعض هذا.. لهذا القطاع من المجتمع المدني، أنا أعتقد أنه يؤدي دور أكبر من كونه يعني شيء زائد بلا نفع، هلا القطاع الذي قلت المرتبط بأجندة خارجية، ما هو هذا الدور؟ أنا أعتقد أول دور يؤديه خصماً من فكرة تطور التجربة الديمقراطية يعني على سبيل المثال، الأحزاب تنشأ لكي تتحدث في مجموع القضايا التي يعانيها المجتمع،.. ما يحدث هو مع إغراءات الترقيات الطبقية، مع إغرائات الشعارات البراقة والعمل العام مع إغراءات السلامة النسبية في سياقات ما يسمى بالمجتمع المدني في البلاد التي بها.. العربية التي بها تعدد حزبي، يتم تجريف التربة الوطنية والانتقال من الأحزاب الوطنية إلى هذه المجموعات، ويتم توالد أرنبي من لهذه المجموعات، ويتم تسابق على الحصول على تمويلات، وهذا ليس فقط هو مربط الفرس، هذا الفساد الشخصي أو الفساد الجماعي الذي هو جزء من الفساد الذي هو ملمح لكافة المجتمعات العربية.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب.. سأعطيك المجال.
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: لكن يتم أيضاً فساد كلي، يتم بمقتضاه نوع من التكييف الهيكلي، فإذا كانت المعونات الخارجية وروشتة البنك الدولي تفعل فعلها في المجتمعات العربية من خلال الحكومات العربية في خصخصة الاقتصاد، فهؤلاء يلعبون من خلال نفس المعونات الخارجية -دوراً في تكييف هيكلي للعقل، تكييف هيكلي للسياسة، وخلق حزب خاص.. أو خصخصة السياسية، هنا خصخصة اقتصاد وخصخصة السياسة، وهذا هو (جذر) ما أتوقعه من تكامل وهو ما نشهد الآن.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: كويس.. كويس جداً دقيقة.. سأعطيك المجال، سأعطيك المجال..
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: كيف يحدث.. تحدث الخصخصة وما أثرها؟
د. فيصل القاسم: سأعطيك المجال.
عبد الحليم قنديل: تفضل.
[فاصل إعلاني]
د. فيصل القاسم: سيد قنديل تريد أن تكمل.. ماذا تريد أن تقول باختصار كي أعطي المجال للسيد سبع الليل؟
عبد الحليم قنديل: يعني أريد أن أتحدث باختصار عن مفهوم خصخصة السياسة، لقد تحول العمل العام.. يعني ليست المشكلة في بلادنا فقط أن الحكومات مستبدة أو تؤبد التخلف، وإنما تحولت المعارضات أو قطاع كبير منها..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: بما فيها المجتمع المدني.
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: إلى قطاعات تتعيش على العمل العام، وتحول العمل العام إلى يعني.. يعني حصل قدر من (دولرة) العمل العام أو تسييل المال العام. هذه الظاهرة التي أتحدث فيها.. هذا القطاع الذي أتحدث عنه فيما.. والذي يحتكر لنفسه تسمية المجتمع المدني تجري داخله هذه الخصخصة يعني على نحو يمكن تصويره ببساطة، أن يأتي عدد من اليساريين قوميين أو ماركسيين، من موارد الأحزاب الوطنية، علانية أو سرية في قطر أو في آخر، فينشؤون مثل هذه المنظمات التي تتلقى تمويلاً خارجياً، فيوحي لنفسه أنه يمتد بعمله العام، في حين يريد لنفسه نوعاً من الترقية الطبقية هذه نقطة. ثم تجري عملية تبادل أو مقايضة للشعارات الأصلية بدعوى التجديد فتنتهي إلى التبديد، على سبيل المثال بدلاً من.. من الحديث عن.. عن التنمية المستقلة يتم إحلال الخصخصة الاقتصادية محلها، بدلاً من حديث عن الصراع العربي.. الصراع مع إسرائيل، يتم الحديث عن السلام والحوار مع الآخر إلى آخر.. والتطبيع، بدلاً من الحديث عن مواجهة أميركا يتنعم أي ينعم الحديث عن أميركا ثم تتحول إلى صديق وإلى آخره.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب.. طيب بس.. الكثير من النقاط.
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: أريد.. يعني أضرب أمثلة محددة على هذه التحولات.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]: الكثير.. الكثير من النقاط..
عبد الحليم قنديل [مستأنفاً]: لكي يتضح المعنى، لكي لا نتصور أننا نخوض معركة بين وهم أو (طوطم) اسمه المجتمع المدني يتقدم المدافعين عنه تحت شعارات الديمقراطية وحرية الإنسان وإلى آخره، ثم الآخرون الذين يعتقدون ما في هذه الظاهرة أو.. أو ما في هذا الإدعاء من.. من عوار ومن داء لا ترياق، يتصورون أنهم حماة الديكتاتورية بينما المعروف أن هذا التناقض قائم في كل قطر.. قطر عربي تقريباً بين الاتجاهات الوطنية في النخبة المعارضة والاتجاهات الميالة للتفاهم مع المؤثر الخارجي.
د. فيصل القاسم: طيب.. فاروق سبع الليل.
فاروق سبع الليل: فيما يتعلق بخصخصة السياسة، أنا أعتقد أنه الهجوم على المجتمع المدني في هذا الشكل واعتباره أنه يخصخص الـ.. الـ..
د. فيصل القاسم: السياسة.
فاروق سبع الليل: السياسة، هو عملياً هجوم في غير مكانه، لأنه مهمة المجتمع المدني أن يلغي خصخصة السياسة، مهمة المجتمع المدني أن يضع حدوداً لهيمنة الدولة ولهيمنة السلطة السياسية القائمة في مجتمعاتنا، وأن يسمح بنوع من الفضاء الذي يسمح لقوى المجتمع المدني وهي ليست كما توصفها..
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: التي هي.. التي هي.. ما هي قوى المجتمع المدني؟ التي هي؟ الأحزاب؟
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: كل المنظمات غير الحكومية.
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: كل شيء!! يعني كل شيء تعتقد!!
فاروق سبع الليل: اسمح لي.. هناك ثلاث.. هناك تعاريف مختلفة للمجتمع المدني، فيما يتعلق.. فيما يتعلق ببعد معين..
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: إذاً لا يصلح كمعيار.. إذاً التعبير لا يصلح.. لا بدل على شيء بذاته.
فاروق سبع الليل: فيما يتعلق.. فيما يتعلق بعموميات المجتمع المدني..
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: إذا كان هناك تعاريف مختلفة فلماذا نستخدمه يا سيدي؟
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: يا سيدي عجيب..
عبد الحليم قنديل: لماذا نستخدم مصطلحاً مموهاً يدل على أشياء عديدة، ولا يدل على شيء بذاته؟
فاروق سبع الليل: يا سيدي لا يدل على.. لا، لا.. لا يدل على أشياء عديدة، أنت تريد أن تعطيه دلالة لأشياء عديدة.
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: ماذا تسمي الأحزاب؟ هل الأحزاب مجتمع مدني؟
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: هذا المجتمع المدني منظمات غير حكومية.
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: هل الأحزاب؟
فاروق سبع الليل [مقاطعاً]: هذا.. اسمح لي هذا المجتمع المدني يمكن أن يكون أوسع عندما يضم قوى سياسية وأحزاب ونقابات وهيئات اجتماعية، هذا المجتمع المدني.. واسع، الخصخصة اللي أنت تحكي عنها..
عبد الحليم قنديل [مقاطعاً]: يا سيدي لماذا أسألك؟
فاروق سبع الليل [مستأنفاً]: الخصخصة.
المجتمع المدني - يطالب بحقوقه
الشيخ سلمان العوده - تعصب المجتمع المدني
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق